إنّ رواية "نهاية رجل شجاع"، تبدو مسرحاً خصباً للبحث في موضوع الطفولة وأثرها في شخصيّة الفرد، نظراً لما تتركه التربية القاسية من عظيم أثر في نفوس الأبناء، فضلًا عن تأثير المجتمع والأتراب في سلوكيّات الأفراد. إنّ تناول رواية «نهایة رجل شجاع» للكاتب «حنّا مينه» في دراسة نفسيّة، موضوعٌ له أهميّته الخاصّة، لأنّ الكاتب من أعمدة الرّواية العربيّة المعاصرة، ورکّزت الروایة على أهميّة حياة الطفل في بناء شخصيّة الرّجل. لذلك ستقوم هذه المقالة على كشف تأثير الطّفولة الّتي عاشها مفيد الوحش -بطل رواية نهایة رجل شجاع- في شخصيّته رجلًا. تعالج هذه المقالة دور الأب والأمّ في الوصول إلى الهويّة الشّخصيّة للبطل ودور المعلّم والأتراب وأهل الضّیعة، کأصحاب المجتمع، في رسم الملامح الشّخصيّة للطّفل. وما نستنتجه من هذه مقالة: تجسّد «نهاية رجل شجاع» صورة الطفل المعنّف الّذي تلقّى القسوة في مجتمعه، بدءًا بالأسرة حيث الاختلال العاطفيّ، فلم تستطعِ الأمّ الحنون أن تعوّض بلطفها وتضحياتها قسوة الوالد وعدم تسامحه، ثمّ في المدرسة حيث المعلّم الذي نفّره من الصّفّ وكرّهه العلم، إلى أتراب عزفوا بقيثارته لحن الشّقاء والشّغب، وأخيراً مع أهل الضّيعة حيث المختار الظّالم، والمتبارين في عرض اقتراحاتهم لتعذيبه. شخصيّة «مفيد الوحش» الّتي تعبّر عن شخصيّة رجال كثر عاشوا في أجواء مماثلة، وتلقّوا تربيةً قمعيّةً، تركت انعكاساتها السلبيّة في المجتمع. إنّ سلوك مفيد الطفل –بطل الرواية- الباحث دوماً عن المشاكل، ردّ فعل طبيعيّ للتّربية الّتي تلقّاها، والقائمة على ظلم الوالد في ظلّ مجتمع شرقيّ ذكوريّ، يلعب فيه الرجل الدور البالغ، وفي كنف أمّ مهيضة الجناح، لا ثقل لكلمتها ولا مجال لبثّها سوى عبر دموع جيّاشة. بما أنّ هذا البحث يهدف إلى دراسة أثر الطّفولة في تكوين شخصيّة الفرد، كان لا بدّ من اللّجوء إلى المنهج النفسيّ-التحليلي لإنجاز الدراسة.