نشأ التحليل النقدي للخطاب من علم اللغة النقدي وأفكار علماء مثل فوكو وهابرماس وألتوسير. تظهر المحاور الرئیسة في دراسة هذا النوع من النصوص الأدبية في معرفة مفاهيم کالرؤية النقدية والقوة والإیدئولوجیا والاستعارة. تظهر الرؤية النقدية للخطاب في كيفية توظيف مستخدمي اللغة للاستعارة لإظهار إيديولوجيا المجموعات القوية بين الناس ومتلقّي النص. بعد ظهور علماء مثل ويداك، وفاندايك، وفيركلاف في التحليل النقدي للخطاب ظهرت مناهج مختلفة مثل منهج المجال الاجتماعي لفاندايك، ومنهج الخطاب التاريخي لويداك، ومنهج فيركلاف الذي يعتبر الخطاب عملاً اجتماعياً ويحلله. یری نورمان فيركلاف، بأنّ تحليل الخطاب هو تحليل كل من الأبعاد الثلاثة (الفعل الاجتماعي، الممارسة الخطابية، النص)، لأن فرضيته مبنية على حقيقة وهي أنّ هناك صلة ذات معنى بين المعاني المحددة للنصوص وطرق ارتباط النصوص ببعضها وتفسيرها، وطبيعة الفعل الاجتماعي، ويتم فحصها على ثلاثة مستويات: الوصف والتفسير والشرح. تتناول الكاتبة اللبنانية المعاصرة هدى بركات حياة المهاجرين والمشرّدين واللاجئين الذين يضطرون إلى ترك منازلهم لسوء الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ويعيشون حياة صعبة في فرنسا. تمت في هذا البحث، من خلال الاعتماد على المنهج الوصفي-التحليلي محاولة التحقق من تطبيق مستويين من التفسير و الشرح في رواية بريد الليل على ضوء منهج الخطاب النقدي عند نورمان فيركلاف. تشير نتائج البحث إلى أن استخدام الإمكانيات المعجمية على مستوى المعنى جعل النص متماسكاً في هذه الرواية، وتمكنت الراوية باستخدامها تغيير المنظور والمفاهيم العقلية في فكرها حول نقل مفاهيم کالوحدة والانفراد والخوف والحرب والذعر والتوقع للمتلقّين. وقد حاولت التعريف بشرائح المجتمع المختلفة التي تأثرت بظاهرة الهجرة القسرية وبيان أسباب الهجرة ومغادرة الوطن عبر تصویرها في أسماء خاصة.