بما أن الرواية لها حصة التأثير على وقع المتلقي، فقد يستخدمها الروائيون لبث الواقع المعيشي لتواكب الحدثيات بشكل مفبرك يهتم بالجانب الملفت كالحواس أكثر من باقي الجوانب. ولكن ما بقي في موضع الإهمال هو الحديث عن فاعلية التآزرية في آلية الحواس، حيث إنها لم تحظ بموضع اهتمام يصب عليها مرتكزات النقاد بصورة خاصة کما حظیت آلیة التراسل وغیرها؛ من هذا المنطلق اخترنا رواية "دفاتر الوراق" للكاتب جلال برجس نموذجاً حتى ندرس من خلالها الآليات الحسية التي تحمل صورة الحدثيات في المقاطع السردية بشکل متضافر، مع التدقيق على حاستي السمع والبصر حسب المنهج الوصفي التحليلي. وتبيّن لنا من خلال النتائج بأنّ الكاتب ربط هذه التآزرية مع الواقع المعيشي ليصور المقاربة بینهما أکثر، وكان هذا من ناحية ما لقصد التوسيع في مساحة التأثير على المتلقي، ومن ناحية أخرى ليخلق إندماجاً بین عالمین مختلفین کالسردي والواقعي أثناء عملیة السرد. وهذا التوزيع بین الأحاسيس المتآزرة على الجوانب المقسمة _الواقعي والمجازي_ أدى إلى تمثلات جمالية تتراوح بمدلولاتها على ترابط الجانبين، وقد أبدع به برجس في تضافر الخيال وواقع الأحداث في روايته.