فهد محمود الأسدي (۱۹۳۹-۲۰۱۳م) کاتب وقاص عراقي أبدع روايات ومجموعات قصصية تناولت المنحی الواقعي من الحياة الاجتماعية في العراق وخاصة حياة الناس في الأرياف. وقد أتقن الروائي حبك قصصه بأسلوب فني آسر يجذب المخاطب من خلال بنية قصصية متماسکة وعبارات ذات صور بلاغية تتناغم بتشبيهاتها ومجازاتها واستعاراتها الموحية. وهذه الدراسة تهدف إلى إبراز جمالية الصورة الفنية في هذه الروايات وإظهار ابداعات الروائي البيانية المتمثلة في روعة التشبيهات وبلاغة الاستعارات المستخدمة في النص القصصي. وقد اتبعت هذه الدراسة المنهج الوصفي-التحليلي في محاولة لاستکشاف الإطار العام للصورة الفنية في مجموعات الأسدي القصصية، والإحاطة بالمميزات السردية التي اتضحت من خلال استعمال الروائي أغراضاً بلاغيةً موحية کالتشبيه والاستعارة والکناية لتضفي جماليةً مضاعفة وتقبّلاً ملموساً من قبل المتلقي. ورکّز هذا البحث في تحليله علی أعمال الأسدي الخمسة، وهي: رواية «الصليب؛ حلب بن غريبة» ورواية «دارة الإحسان» والمجموعة القصصية «عدن مضاع»، والمجموعة القصصية «طيور السماء»، والمجموعة القصصية «معمرة علي». وهذه الإبداعات السردية جميعها تصوّر الواقع الاجتماعي المرير الذي کان يعيشه الإنسان الجنوبي في العراق. ففي الرواية الأولی جسّد الروائي مظاهر الظلم والمعاناة التي کان يفرضها نظام الإقطاع علی الفلاحين والطبقات الضعيفة الکادحة، فراح يدعو من خلال دعوة غير مباشرة عن طريق هذه الرواية إلی نبذ جميع أنواع القهر والاستبداد والاضطهاد. أمّا الرواية الثانية فهي تمثّل العادات الاجتماعية السائدة في جنوب العراق بکل ما تحمل من معتقدات وخرافات وتقاليد عرفية لا يقبلها العقل السليم. وتعد هذه الرواية صورة حقيقية لتناقضات المجتمع الريفي وصراعه المستمر بين القديم والحديث. وتأتي المجموعة القصصية الثالثة لتبيّن بصريح العبارة التمايزَ الطبقي بين شرائح المجتمع الواحد، ومدی خطورته علی حياة الناس وتداعياته الکارثية التي تفضي إلی شرذمة الناس وتشتتهم. أمّا المجموعة الرابعة فقد تناولت قضايا الإنسان وهمومه الاجتماعية، وبينما جاءت المجموعة الخامسة لتنقد فقدان الوعي والجهل المستشري بين طبقات المجتمع المتخلف. ومن أهم النتائج التي توصّلت إليها الدراسة: إنَّ الأديب الأسدي تعامل مع نماذجه القصصية بعفوية فنية خالصة معبّراً عنها ببيان سهل ممتنع ضمن دائرة التأويل واستکشاف بواطن الأمور من خلال تحليل ظواهرها الجلية. ولم يقحم الکاتب نفسه في مبالغات مفرغة وتهويلات لفظية طنانة تُخرج النص من جريانه الانسيابي وطاقاته المحتشدة، بل کان مُسايراً ومتناغماً مع لغة الخطاب وبناء السرد الفني.