امید جهان بخت لیلی، سید اسماعیل حسینی اجداد، شهرام دلشاد،
المجلد ۳، العدد ۲ - ( الربیع و الصیف ۱۴۴۴ )
الملخّص
إنَّ السرد الفسيفسائي أسلوب من أساليب السرد العربي الحديث تمّ استخدامه في العديد من الروايات الجديدة. يمتاز هذا الأسلوب السردي بالتداخل والتناقض والتشظي والتشابك والتفکك. يولّدُ عبر توظيف هذه التقنية نصّ روائي متشابك من حيث العناصر الذاتية والرئيسة للسرد كالزمن والمكان والشخصية كما يتجاوز السرد عن الطريقة التقليدية من حيث العناصر الإطارية وتميل الرواية نحو الشعر والمسرحية والقصة القصيرة. جاء هذا المنهج السرديّ تلبية للحاجات السردية العربية في مسار تطورها ونضجها وظهر ليفکّك المنطق السردي القديم المرتکز علی الخطية والاتّساق. نظراً لأهمية التعرف علی الأنساق السردیة الجديدة، تتوخی هذه المقالة بالاعتماد علی المنهج الوصفي التحلیلي لدراسة هذا الأسلوب في رواية "رَمل الماية" للروائي الجزائري الشهير واسيني الأعرج الذي یبحث فیها عن سبل تعبیریة جدیدة. تظهر النتائج أنَّ "رَمل المایة" من أقرب الروايات من البنية السردية الفُسَيفسائية. واسيني نظراً للبنية المقتبسة في سرده للرواية المذكورة من "ألف ليلة وليلة" يخطو نحو التجديد والإبداع فيضفي بدوره علی السرد التراثي أحداثاً جديدةً داعياً إلی تقديم الفكرة الجديدة والتجربة الروائية المتشظية، إذ یقوم بتحطيم المنطق السردي القديم مضموناً وصياغةً فیتولد من شفتيه نص سردي مفكك متشظِّي يتّسم بالتعددیة والتشابك. انطلاقاً من هنا، نجد أنّ الوصف يهيمن علی الرواية، والسارد يهتمّ بالجماليات اللغوية والدلالات والتعابير النابضة الرائعة فيقدم الأشياء والذوات والشخصيات بالوصف ولايعتني بكينونة السرد وتطوره؛ فالسرد يتحول إلی كتابات إعلامية مانیفستية عبر هذه الأوصاف المكثفة، كما أن هذه البنية انتهت إلی تداخل الأزمنة والأمكنة وعدم اختيار الخيط الزمكاني المتسق. الزمن والمكان لم يحددا في السرد، فالأحداث تجري في الأمكنة والأزمنة المختلفة، فهما یتمتعان بالتداخلات والتمازجات والقفزات والاستباقات الكثيرة فيدوران بين الحاضر والماضي والشمال والجنوب والدنيا والآخرة، كما أنّ الشخصیة والذات أیضاً اتسما بالتعددية والتداخل فالرواية تفتقد الشخصية الرئيسة بل هناك عدة شخصیات تظهر في السرد علی حدة، وفي النهاية اللغة والبنية فيها تمتازان بالانسيابية الملحوظة والنقل بين الحالات الشعرية والقصصية والعامية والفصحی؛ فهي في كل حال تتجاوز اللغة السردية المعتادة بفضل حركيتها وديناميتها.