إنّ الشرعنة تعدّ مسارا واعيا يسلكه الأفراد بشكل يومي لتبرير سلوكاتهم والأدوار التي يقومون بها في المجتمع، لأجل ذلك يجد الشخص نفسه مضطرا إلى الاستناد إلى مجموعة من المصادر التي تساعده على تأسيس هذه الشرعنة وبنائها وتعزيزها لدى الآخرين. إنّ عملية إضفاء الشرعنة ونزع الشرعنة مهمة جدًا في تحليل الخطاب النقدي، لأنّه من خلالها يمكن التعرف على أنّ الخطابات كيف تقوم بإضفاء الشرعنة إلى بعض الفاعلين وسلوكهم وأهدافهم أو نزع الشرعنة عنهم وعنها.
إنّ منهج هذا البحث وصفي-تحلیلي بينما يعتمد علی نظریة فان ليوين في إضفاء الشرعنة ونزع الشرعنة لتبيين تقنیات قد وظّفها منتج الخطاب لإضفاء الشرعنة أو نزع الشرعنة في خطابه وللكشف عن قضايا قد اهتم بها صاحب الخطاب بإضفاء الشرعنة اليها ونزع الشرعنة عنها. فقد اقترح فان ليوين أربع تقنیات للشرعنة وهي تندرج في التفويض والتسويغ والتحويل الحكايي والتقييم. وكلٌ من هذه التقنيات يمكن أن يعمل بشكل منفصل أو مرکّب. فتمّت في هذا البحث معالجة روايات خليل حسن خليل التي تصوّر حياة أناس قد تعرّضوا للقمع والتهميش على أساس أساليب الشرعنة ونزع الشرعنة لتئو فان ليوين. فتوصّلت هذه الدراسة إلى هذه النتيجة أنّ تقنیات "الموجه نحو الأثر" من أنواع "التسويغ الذرائعي"و"التحويل الحكائي" و"التفويض التخصصي" والقدوة والتقليد من أوجه"التفويض" ثمّ "التقييم" مع مكونتيه الفرعيتين أي "القياس" و"التقييم الأخلاقي"، لها دور هام في إضفاء الشرعنة إلى قضية ما أو نزع الشرعنة عنها في هذا الخطاب. كما أنّ هذا البحث يبين أنّ خليل حسن خليل من خلال هذه الاستراتيجيات يضفي الشرعنة إلى قضايا مثل الحرية، والعدالة، والمساواة، والإقدام، وتكوين مجتمع عادل بينما ينزع الشرعنة عن قضايا مثل الاستغلال والاستثمار والنظام الرأسمالي والخوف من أصحاب السلطة وغيرها من القضايا.